إبطال نظرية التطور الفكري
كذلك من ناحية التطور الفكري يصبح أن هؤلاء الذين بنوا هذه الأبنية وشادوها, وكتبوا عليها ودونوا عليها, وبعضها لا يزال محفوراً ومعروفاً, وبعضها لم يعرف بعد، هم كانوا بالفعل على دين, وعلى معرفة بالله سبحانه وتعالى, وعلى إيمان باليوم الآخر، وإن كان بعضهم يغلب عليه الشرك، ولكن يمكن أن تكون هناك فرضية نطرحها ونعتقد صحتها؛ وهي: أن بعض العبارات الشركية, وبعض المخالفات هي تأويل أو إضافات على النصوص الأصلية التي كانت للبعض! لا نقول: إن كل ما كتب من نقوش كتبها موحدون؛ لكن نقول: الموحدون كتبوا, ويأتي من بعدهم فيضيف أو يعدل.
وهذه الكعبة بيت الله الحرام بناها إبراهيم عليه السلام على التوحيد, ومع ذلك نجد أن العرب ملأوها ووضعوا فيها الأصنام؛ فلو جاء من يبحث في الآثار, وقال: هذه الأصنام وضعها إبراهيم لكان كاذباً! بل إنهم صوروا إسماعيل عليه السلام وهو يستقسم بالأزلام، وكذبهم النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك, فما كان ليفعل ذلك, فما يضاف إلى الآثار أو الأبنية الموجودة لا يمكن أن يحسب أنه أصل هذا البناء.
الكتابات التي على الأهرامات أيضاً لا يمكن أن نقول: إنها فعلاً تعود إلى الفرعون الذي كُتبت ونسبت إليه هذه الكتابات.
إذاً: هذا يؤكد أن البشرية في تاريخها كله الطويل القديم كانت على التوحيد, وعلى استقامة في الخلْق والخُلق, والفكر والدين والاعتقاد، ولكنها تهبط فيأتي الله تبارك وتعالى إليها بالرحمة, وهم الأنبياء يُنزل عليهم الوحي فيرتفع بهم، ثم تَنْزل ثم يأتي بالأنبياء وهكذا؛ حتى جاء الدين الخاتم الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ليظهره على الدين كله, وسوف يظهر على الدين كله بإذن الله تبارك وتعالى.